هل التفكير في المشاكل يجعل الأمور أفضل؟ الأمر يعتمد على طريقة تفكيرك

 

التفكير أو عدم التفكير

كيف يمكنك حل مشاكلك بدون التفكير فيها؟ لا يمكنك. هل يعني ذلك أنه يجب عليك تحمل الضغط حتى يصل إلى مستويات عالية قد تسبب لك أعراض القلق؟ لا، ليس كذلك. لكن يجب أن تكون قادرًا على التفريق بين التفكير الصحي في مشاكلك، مثل: التأمل الذاتي introspection والتفكير غير الصحي، مثل: الاجترار rumination.

التأمل الذاتي هو عملية تعلم عن الذات أو ظروف الفرد أو بيئته. يتم ذلك من خلال تفحص أنفسنا وظروفنا من وجهات نظر مختلفة. ومن الأمثلة على هذا النوع من التفكير: التحليل، تبني منظور مختلف، والاستكشاف. تميل هذه الأنواع من التفكير إلى تقليل الضغط، لأنها بناءة، بالتالي تشعرنا بمزيد من التمكين، فحين نشعر بأننا احرزنا تقدمًا في معالجة مشاكلنا، نبدأ في الشعور بالراحة.

فيما يلي بعض الأمثلة لهذه الأنواع:

التحليل: يتضمن ذلك تقسيم المفاهيم المعقدة إلى مفاهيم أبسط من أجل زيادة قابليتها للفهم.

أخذ جيفري سيارة والده بدون إذن للذهاب إلى مباراة كرة القدم مع أصدقائه. أثناء ذهابه، تضررت السيارة. أعاد السيارة ولم يقل شيئًا لوالده. ولكن بعد ذلك بدأ يشعر بضغط وقلق هائلين. لم يكن يعرف ماذا سيفعل حين يدرك والده بأن السيارة قد تضررت. هل سيكون صادقاً؟ هل ينكر أنه قاد السيارة؟ هل سيكون قادرًا على التخلص من الكذبة؟ لقد أصبح قلقا أكثر فأكثر.

التفكير التحليلي الناجح سيكتشف بأن جيفري كان لديه العديد من المشاعر المختلفة في نفس الوقت، وأن تلك المشاعر المختلفة كانت تدفعه في اتجاهات متضاربة. شعوره بالذنب لأخذ السيارة وإلحاق الضرر بها. شعوره بالخوف من أن يغضب والده ويعاقبه. شعوره بالخزي من سوء تقديره للأمور. شعوره بالحزن لأنه خذل والده. بمجرد تحليل الجوانب المختلفة لمشاعره وظروفه، اتضح له أنه يجب عليه إخبار والده بما حدث قبل أن يكتشف الضرر الذي أصاب السيارة. فعل ذلك وشعر بالارتياح، رغم أن والده جعله يدفع تعويضاً من مدخراته.

تبني منظور مختلف: يتضمن ذلك النظر إلى الذات أو البيئة من زاوية مختلفة.

في المثال أعلاه، ربما يختار جيفري النظر إلى الموقف بمنظور والده بدلاً من تحليله من زاوية منظوره / مشاعره الخاصة. هذا من شأنه أن يدفعه إلى إدراك أن والده سيشعر بالخيانة إذا اكتشف الضرر الذي الحقه بالسيارة قبل أن يخبره بنفسه، وذلك ربما سيقوده إلى نفس النتيجة: وهي أن عليه إخبار والده.

الاستكشاف: يتضمن ذلك البحث عن معلومات جديدة أو إضافية تضيف أو تغير النظرة الحالية للذات أو البيئة.

في المثال نفسه، قد يتحقق جيفري حول تكلفة إصلاح الضرر، ومتى سيكون ورش الإصلاح متاحةً للقيام بذلك. هذا من شأنه أن يساعد جيفري على رؤية مسؤوليته من منظور دقيق، وفهم ما هو ضروري لتصحيح خطأه. إن معرفة ما يجب عليه فعله لتلافي غضب وحزن والده، يمكن أن يوفر له بعض الراحة.

غالبًا ما يتحقق التأمل الأمثل من خلال تطبيق تقنيات متعددة في نفس الوقت. أي نشاط يسلط الضوء على موقفك/ وضعك يمكن أن يكون تأمل ذاتي.

الاجترار: هو عملية مراجعة الأفكار والمعلومات بشكل متكرر.

التفكير في نفسك أو في موقفك بنفس الطريقة مرارًا وتكرارًا لن يؤدي على الأرجح إلى نتيجة مختلفة. بالأحرى فإنه من المرجح أن يخلق الإحباط والشعور بالعجز واليأس الذي سيزيد من توترك. فيما يلي بعض الأمثلة عن كيفية اجترار الأفكار:

"ما كان يجب أن أركب السيارة. يا لي من أحمق ".

"سيقتلني والدي عندما يكتشف الأمر."

"أنا أكره أن يتحكم بي والداي".

"أصدقائي سوف يعتقدون أنني أحمق."

التفكير في أفكار مثل تلك المذكورة أعلاه لن يؤدي إلا إلى إحباط جيفري، مما سيزيد من شعوره بالضغط، ويشعره أيضًا بالعجز عن تحسين ظروفه. لأنه عالق في مراجعة نفس المحتوى مرارًا وتكرارًا دون أي تقدم.

يبدأ التغلب على الاجترار بالتعرف عليه وتمييزه عن التأمل السليم. عندما تفكر في الصعوبات التي تواجهك بطريقة تزيد من الضغط عليك، فمن المحتمل أن ذلك هو الاجترار. أعد تركيز تفكيرك على عمليات التفكير الصحي، مثل تلك المذكورة أعلاه. حاول أن تكون مرنًا في تفكيرك، بأن تحاول رؤية الأمور بطريقة مختلفة عن الطريقة التي رأيتها بها لأول مرة.

ستتطلب إعادة تركيز انتباهك في البداية الكثير من الجهد. عندما تصبح متمكناً من أنواع التفكير الصحي، ستصبح تلقائية أكثر، وتتطلب مجهودًا أقل. في الوقت نفسه،  مستوى الضغط لديك سينخفض مع تقليل الاجترار. وهذا بدوره يمنحك إحساسًا أكبر بالسيطرة على حياتك.

شر هذا المقال على موقع ‏Psychology Today

وقد تُرجِم إلى العربية بإذن من كاتبه  Daniel S. Lobel Ph.D