الأحد، 27 يناير 2019

ماهو الحل لإنهاء الفراغ الوجودي؟


سئل مؤسس العلاج بالمعنى  الدكتور فيكتور فرانكل عن الحل لإنهاء الفراغ الوجودي فكانت هذه إجابته..



لقد تحدثت كثيراً بخصوص أن المعنى لا يمكن أن يُعطى، على الأقل من قبل المعالج للمراجع. وأعلم أن العديد من الكتب التي نُشِرت مؤخراً  -للأسف- تصف العلاج بالمعنى كمحاولة لتقديم المعاني للمرضى. أرأيت! كيف يُساء فهم المرء مراراً وتكراراً، لقد أساء فهمي أولئك الذين يتلقون طبعات من كتبي باستمرار لسنوات، وأنا على يقين بأنهم قرأوا لي: "بأن المعنى لا يمكن أن يُعطى؛ لأنه موجود داخل الشخص نفسه. "
إذا كنت تعتقد بأن من يدّعي أنه يملك إجابات كهذه يملكها بالفعل فأنت مخطئ. المعالجون الحقيقيون لا يفعلون ذلك، لكن الشيطان في الجنة هو الذي ادّعى بأنه يخبر الناس بما هو خطأ وما هو صواب، ما هو مفيد وما هو قيّم .

اسمحوا لي أن أخاطب  الآن الشاب الذي لا يستطيع أن يرى أي معنى في الحياة

يجب أن تعي هذا الحالة أولاً، والتي تسمى الفراغ الوجودي "existential vacuum"، إنها ليست أعراض عصابية. وليست شيئًا يُخجَل منه، إنها شيء يجب أن تفخر به. إنها إنجاز إنساني. 
لا تعتبر أن وجود معنى متأصل في الوجود الإنساني هو أمر مسلم به، ولكن بدلاً من ذلك عليك أن تحاول، وتجازف، وتتساءل، وتواجه مشكلة معنى الوجود. وإن كانت لديك هذه الشجاعة لطرح مثل هذه الأسئلة، ينبغي أيضاً أن يكون لديك الصبر للانتظار حتى يأتي الفجر بالإجابات، وحتى ذلك الوقت إذا باغتك ذلك الفراغ الوجودي، ووجدت نفسك تتهاوى في ذلك الشعور السحيق ضع هذه التجربة إلى جانب تجارب الذروة "peak experience"  التي وصفها ابراهام ماسلو بشكل جميل. و إذا لزم الأمر، يجب أن تقول لنفسك: بأن هذه التجربة المروعة هي بالضبط ما قام جان بول سارتر بوصفها بشكل جميل في عمله "الكينونة والعدم".
 بهذه الطريقة، قد  تتمكن من وضع مسافة بين هذه التجربة المروعة وبين نفسك.

هناك سمات وملامح تميز الوجود البشري وتشكله. منها قدرته على تجاوز الذات، أن يتخطى نفسه للوصول إلى الكمال، وقدرته على تجاوز محددات وقيود هذا الوجود. إن حرية الإنسان هي حرية كاملة، ليست حريةً مشروطة، فحريته تكمن في إمكانية اتخاذ موقف تجاه أي ظروف قد تواجهه.

عندما أجرى البروفيسور هيوستن سميث مقابلةً معي حول مسألة الحرية الإنسانية، وسألني: "أنت، الدكتور فرانكل ، كأستاذ في علم الأعصاب والطب النفسي ، تدرك أن هناك شروط ومحددات تقيد الإنسان، أليس كذلك؟".
أجبت: حسنا، أنت على حق. أنا طبيب أعصاب وطبيب نفسي، وأعلم جيداً المدى الواسع الذي يخضع الإنسان فيه للظروف البيولوجية والنفسية والاجتماعية. ولكن بصرف النظر عن كوني أستاذ في هذين المجالين، أنا أيضاً أحد الناجين من معسكرات الاعتقال، و أشهد بشكل شخصي على المدى المدهش وغير المتوقع لقدرة الإنسان على تحمل الظروف بشجاعة، حتى  أسوأ الظروف، بما في ذلك معسكر أوشفيتز .

المصدر:
Batthyány, A. (Ed.). (2016). Logotherapy and Existential Analysis: Proceedings of the Viktor Frankl Institute Vienna (Vol. 1). Springer.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق